الثلاثاء، 15 فبراير 2022

 



الطريق إلى السعادة الأسرية


الزواج هو الخطوة الأولى لتكوين الأسرة، وهو سنة الله في خلقه، والأسرة السعيدة هي اللبنة الأساسية لبناء مجتمع متماسك وسليم يخلو من العقد النفسية والجرائم.

 

يقول أحد السلف واصفًا حاله وهو في غمرة السعادة الحقيقية: إنه لتمر عليَّ ساعات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي عيش رغيد.

 

وتختلف موارد الناس ومشاربهم في تحصيل السعادة، فمن الناس من يرى أن السعادة هي في جمع المال، ومنهم من يرى أن السعادة في كثرة العيال، ومنهم من يرى السعادة في غير ذلك، يقول الْحُطَيْئَةُ:

وَلَسْت أَرَى السَّعَادَةَ جَمْعَ مَالٍ 
وَلَكِنَّ التَّقِيَّ هُوَ السَّعِيد 

 

إن السعادة الأسرية أن يكون الإنسان في بيته سعيدا مع زوجته وأولاده، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء)؛ رواه ابن حبان في صحيحه.

 

وينظر بعض الرجال والنساء للسعادة الأسرية باعتبارها مجرد وهم، فهي في نظرهم من المستحيلات التي لا يمكن تحقيقها، لكن خبراء وعلماء النفس والأسرة يؤكدون - من خلال التجارب والأبحاث - أن تحقيق السعادة أمر ممكن، من خلال توافر شروط عدة؛ أهمها:

1- اختيار الزوجة الصالحة والزوج الصالح، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (تُنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين ترِبَت يداك)؛ رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم للأسرة عندما يتقدم الخاطب لابنتهم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)؛ رواه الترمذي.

 

2- الدعاء الصالح، وهو سلاح المسلم، فنحن ندعو الله ونحن موقنون بالإجابة بأن يحقِّقَ لنا السعادة، وأن يجلبها لنا، وأن يعيننا على تحقيقها، وعلى إسعاد أنفسنا ومن حولنا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ)؛ رواه الترمذي.

 

3- المعاشرة بالمعروف بالكلمة الطيبة والصحبة الجميلة، وكف الأذى وحسن المعاملة؛ قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، ويقول سبحانه: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228].

 

4- الاحترام المتبادل بين الزوجين، فيجب على الزوجة احترام زوجها، حتى لا تهتز صورته أمام أولاده، وكذلك الزوج يجب عليه احترام زوجته، ومعاملتها معاملة حسنة أمام الجميع، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، فالمودةُ والرحمةُ هما المعنى الحقيقي للاحترام المتبادل بين الزوجين.

 

5- الاهتمام بالعلاقة الحميمية بين الزوجين؛ لأن إهمالها يؤدي إلى الكدر والتعاسة والاضطراب النفسي، عن جابر بن عبدالله قال: (تزوجت امرأة فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتزوجت يا جابر؟ فقلت: نعم فقال: بكرًا أم ثيبًا؟ قلت: لا بل ثيبًا، فقال: هلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟!).

 

6- الحرص على تعليم الأسرة حبَّ الخير وأحكام الشرع؛ من الصلاة والصدقة وصلة الرحم والعمل الصالح، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

7- التغافل عن الأخطاء والمقابلة بالحلم والتسامح والعفو، يقول الحسن البصري رحمه الله: (ما زال التغافل من فعل الكرام)، ويقول الإمام أحمد رحمه الله: (تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل).

 

8- مساعدة الزوج زوجته ومساعدة الزوجة زوجها في الواجبات المنزلية والعملية، وفي تربية الأولاد، سُئلت عَائِشَة رضي الله عنها: (ما كان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَعمَلُ في بيتِه؟ قالت: كان يَخيطُ ثوبَه، ويَخصِفُ نَعلَه، ويَعمَلُ ما يَعمَلُ الرجالُ في بُيوتِهم).

 

9- عدم نقل المشكلات الأسرية إلى الخارج والحفاظ على أسرار الحياة الزوجية، وخاصة العلاقة الحميمية، قال تعالى: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها)؛ رواه مسلم.

 

10- اللعب والترفيه والخروج إلى المنتزهات والسفر في أوقات اليوم، أو كل أسبوع أو كل شهر، فإنها تجعل للحياة الزوجية نكهة قوية وسعادة قلبية، تبقى محفورة في ذاكرة الزوجين والأولاد.

 

11- تبادل المشاعر العاطفية والتصريح بها، كمدح الشكل والفعل والكلام والتعبير عن الشوق والمحبة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني قدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا)، وقَصَد في هذا الحديث أمَّ المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - وتروي عائشة - رضي الله عنها - فتقول: (ما غِرْتُ علَى أحَدٍ مِن نِسَاءِ النبي صَلى اللهُ عليه وسلمَ، ما غِرْتُ علَى خَدِيجَةَ، وما رَأَيْتُهَا، ولَكِنْ كانَ النبي صَلى اللهُ عليه وسلمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا)؛ رواه البخاري.

 

12- ولا تنسوا الفضل بينكم، فعلى الزوج والزوجة الاعتراف بالفضل والجميل لكل منهما، فقد كانا شريكين في تربية الأولاد والخدمة والتضحية، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يَفرَك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر))؛ رواه مسلم.

 

أسأل الله أن يُصلح بين الزوجين، وأن يجمع بينهما على خير، وأن ينشر السعادة بينهما، وأن يصلح لهما الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.



أهمية البركة على الأسرة


 

أهمية البركة على الأسرة

 

قال الله تعالى: ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31].

 

جاءت هذه المقولة على لسان نبي الله عيسى عليه السلام وهو في المهد؛ أي في بداية مسيرة حياته، وهي في الواقع ليست مجرد تبيان لحقيقةٍ مرتبطة بالنبي عيسى عليه السلام؛ إنما هي شعار رائع ومبدأ عظيم للتمثل به والعمل بموجبه، (واجعلني مباركًا أينما كنت)! فقد كانت بركة عيسى ومحمد وجميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم متنزلة على أقوامهم ومتنامية، دون أن يكون خيرهم منتهيًا أو منقطعًا برحيلهم عن عالمنا، إنما ممتد باقٍ إلى يومنا هذا!.

 

والبركة تُعرف بالنماء والزيادة والسعادة والكثرة في كلِّ خير، والله سبحانه ألقى البركةَ على إبراهيمَ وعلى آله؛ قال تعالى: ﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ ﴾ [الصافات: 112، 113].

 

جاء في تفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: ﴿ وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ﴾ [المؤمنون: 29]، ﴿ وَقُل ﴾ أيضًا يا نوح: ﴿ رَبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا ﴾؛ أي: أنزلني إنزالًا، أو مكان إنزال مباركًا، أي مليئًا بالخيرات والبركات، خاليًا مما حل بالظالمين من إغراق وإهلاك، ﴿ وَأَنتَ ﴾ يا إلهى ﴿ خَيْرُ المنزلين ﴾ بفضلك وكرمك في المكان الطيب المبارك.

 

وفي زماننا كم من الأُسر تشكو قلة البركة، وتظن أنه أُحيط بها، فلا بركة في المال، ولا بركة في الرزق، ولا بركة في الولد، ولا بركة في الزوجة، ولا بركة في الدار، ولا بركة في العمر، ولا بركة في الوقت وهكذا، ومن الأسر من تكون على النقيض من ذلك، فالبركة في كل شؤون حياتها، بركة في العمر وبركة في الوقت، وراحة البال، وزيادة في المال والعلم، تنام في رغد وخير وبر من الأولاد.

 

لذا صار لزامًا على كل أسرة أن تفتِّش عن مواطن الخير في نفسها، وفيمن حولها، حتى تستخرجها وتدلَّ أفرادها إليها، وأن يفكر كلُّ فرد في الأسرة: كيف أكون مباركًا في نفسي وأوقاتي، وكيف ينبغي أن أترجم البركة في بيتي وبين أهلي وصحبي؟ كيف أستخرج خيرهم وجميلَهم دائمًا؟ كيف يكون كلامي مباركًا كشجرةٍ طيبة تؤتي أُكلها كل حين! وكيف أكون كذلك في حركاتي وسكناتي وبداياتي ونياتي وأعمالي، كيف بوسعي أن أُنَمِّي الخير وأدعو للمعروف وسط معارفي وفي محل عملي؟ وكيف أطرح التنمية والتطوير في مجتمعي؟

 

عندما يترجم كل فرد البركة في أسرته، فمن الممكن أن يكون فردًا مباركًا ناميًا أينما حلَّ لا منقطعًا أو مبتورًا، يظل كلامه وفعله وتأثيره حاضرًا، وتبقى ذكراه طيبة عالية، فالله يبارك كل ما هو موصول بالخير ومنعقد بالإخلاص، فيزيده نماءً ويشعُّه نورًا ويحيطه بركة.

 

وللبركة أهمية على الفرد وعلى الأسرة منها:

 إذا حلت البركة في شيء ثبت الخير الإلهي فيها، وثبت نفعها وكثرتها ودوامها.

 

 إن الله تعالى امتنَّ بها على خلقه، وهذا دليلٌ على عظيم فضلها، وكثرة فوائدها، وتعدُّد منافعها؛ قال تعالى: ﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هود: 72، 73].

 

 إن الأنبياء والصالحين كانوا يسألون الله تعالى البركة، ولا يسألون إلا ما كان نفعه عظيمًا.

 

عندما زار إبراهيم عليه السلام ابنه إسماعيل لم يجده، ووجد امرأته، فقال لها إبراهيم عليه السلام: ما طعامكم، وما شرابكم؟ قالت: طعامنا اللحم، وشرابنا الماء، فقال - عليه السلام -: اللهم بارك لهم في طعامهم، وشرابهم، فقال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: بركة بدعوة إبراهيم"؛ رواه البخاري.

 

أسأل الله أن يُبارك لنا في أزواجنا وأولادنا وذرياتنا وفي أعمالنا، وفي أموالنا وفي بلادنا، وأن ينشر السعادة في كل بيت، وصلى الله على سيدنا محمد.




 كتاب الأسرة المباركة 

للتحميل مجانا / تجده على موقع الألوكة على حساب المؤلف

https://www.alukah.net/sharia/0/150088/?fbclid=IwAR12H8go3FEzIKvxWTbUrPutWtnINCjvMjY72oBNXrFGFNSltjKAw3lxw00

السبت، 5 فبراير 2022

علموا أولادكم الحرص على القرآن الكريم


 

علموا أولادكم الحكمة من الابتلاء


 

علموا أولادكم فضل الدعوة إلى الله


 

علموا أولادكم صناعة الهدف


 

علموا أولادكم احترام الآخرين


 

الزوجة المحرومة

 



الزوجة المحرومة

 

الأسرة هي الكيان المُقدس، والمكان الذي يسعى إليه الرجل للحصول على الهدوء والراحة، والاستقرار والاطمئنان مع شريكة حياته، التي يجب أن تكون له سندًا وعونًا في الحياة بابتسامتها وانشراحها، وبهجتها وطاعتها له، ليشعر بطعم الراحة والاستقرار، والهدوء والاطمئنان الذي ينسيه آلام الحياة ومتاعبها.

 

إن من سعادة المرء في هذه الدنيا أن يُرزَق زوجة صالحة تؤانسه وتحادثه، تكون سكنًا له ويكون سكنًا لها؛ لأن في صلاح الزوجة والزوج قرارًا للنفس، وسعادة للقلب، وانشراحًا للصدر، وفي ذلك أداء للتكاليف الشرعية والأعمال الدنيوية باستقرار وعدم تشويش للذهن.

 

لكن هناك من الرجال من يبتلى بزوجة تتصف بصفات ذميمة تريه بها نجوم النهار، وتنسيه سكون الليل، وتكون سببًا رئيسًا لإثارة المشاكل المتكررة، تقود أسرتها وزوجها إلى الأمراض والأسقام المستعصية والمتواصلة، التي لا تعود بالخير والراحة على الأسرة وأفرادها.

 

تقول إحدى الفتيات:

نظرًا لظروفنا العائلية، وجدت نفسي مضطرة لأن أعيش في بيت أختي الكبيرة المتزوجة، وزوجها إنسان صالح طيب القلب، لكن أختي - للأسف - شخصية مسيطرة غاضبة، مكشرة معظم الوقت، تميل إلى الشجار مع زوجها، بسبب وبدون سبب، مع أنه إنسان طيب، دمث الخلق، وهادئ، وأنا أرى البيت أغلب الوقت كئيبًا وحزينًا، وكثيرًا ما حدثت أختي وطلبت منها أن تعدل عن سلوكها، وكانت تستمع لي وتظل صامتة، ثم تعود سيرتها الأولى.

 

وشاب يقول والحزن والألم يعتصر قلبه:

عن طريق أسرتي تعرفت على زوجتي سعدية، وهــــي للأســـــف ليست اسمًا على مسمًّى، فقد أحالت حياتي إلى جحيم بكثرة شجارها وصوتها العالي، وقد حدث ذلك حتى قبل زواجنا؛ أي: في فترة الخطوبة، وللأسف لم أنتــــبه إلى طباعها المدمرة، وقلت في نفسي: لعل وعسى تتغير طباعها بعد الــــــــزواج، ولكن حدث العكس، فبمجرد أن تم الزواج تضاعفت مأساتي مع عنـــــــادها، فهي تخالفني في كل شيء على طول الخط، ثم بدأ التطاول في لحظات الخــــلاف، حتى وصل إلى حد السباب والتشابك بالأيدي، حتى إنها صفعتني على وجـهي في إحدى جولات الشجار والنكد.

 

تصور يا صاحبي أن تصل الأمور بيننا إلى هذا المستوى من التفاهم والحوار بين زوج وزوجته، حتى إن زواجنا الذي دام ثمانية أشهر فقط غضبت فيه زوجــــتي سعدية وذهبت لبيت أهلها أكثر من خمسين مرة، بدون أسباب حقيقية أو منطقية، لكن هكذا أرادت سعدية!

 

إنها آهات وزفرات تخرج من قلوب بعض الأزواج:

زوجتي لا تبادلني الشعور بالحب، زوجتي سريعة الغضب، زوجتي لا تهتم بمظهرها أمامي، زوجتي أنانية ونكدية، زوجتي كثيرة الطلبات، زوجتي لا تهتم بالفرائض الدينية، زوجتي ليست على قدر من العلم والثقافة، زوجتي تفتعل المشكلات، زوجتي كثيرة النقد والشكوك والظنون، زوجتي تتأخر في تلبية طلباتي، زوجتي لا تهتم بفراشي واحتياجاتي، زوجتي تكره عائلتي، وهكذا... سلسلة من الأسباب تجعل بعض البيوت تفقد السعادة الزوجية التي كان ينشدها الأزواج والزوجات.

 

فإلى كل زوجة تتصيد أخطاء زوجها وتنكد عليه، وإلى كل زوجة لا تعترف بخطئها، ولا تندم عليه مهما حصل، وإلى كل زوجة تحب أن تلعب دور الضحية باستمرار، وإلى كل زوجة تؤذي زوجها بلسانها وأفعالها وحركاتها:

اتقي الله في زوجكِ وأسرتكِ وأولادكِ، ولا تحرمي نفسكِ وأسرتكِ متعة البيت السعيد، وتذكري أن هذا التعامل سيسبب لكِ ولأسرتكِ وزوجكِ آثارًا مدمرة لكم؛ مثل:

1- هروب الزوج إلى أهله وأصدقائه؛ بحثًا عن الراحة والهدوء والاطمئنان الذي يفتقده في بيته.

 

2- الطلاق العاطفي بينكما؛ فالزوج هنا لا يشعر بوجود الزوجة المطيعة التي يجب أن تلبي احتياجاته الجسدية والنفسية، فتكون بلا ذوق ولا حس ولا طعم، مما يُؤثر سلبًا على البيت والأولاد.

 

3- كثرة المشاكل والنزاعات، خاصة أمام الأولاد، التي تسبب لهم دمارًا نفسيًّا وعاطفيًّا واجتماعيًّا ودراسيًّا.

 

4- شدة كره الزوج لكِ؛ بسبب تعاملكِ الجاف معه ومع من حولكِ في الأسرة والمجتمع.

 

أيتها الزوجة المباركة، يا من تبحثين عن السعادة لنفسكِ وأسرتكِ وزوجكِ وأولادكِ، تذكري أنكِ ريحانة بيتكِ؛ فأشعري زوجكِ بعطر هذه الريحانة منذ لحظة دخوله البيت، وأقول لكِ:

1- سيطري على المشاعر السلبية نحو زوجكِ، خاصة في لحظات الغضب، وأمسكي لسانكِ عن استخدام أي لفظ جارح، ولا تستدعي خبراتِ الماضي أو زلاته في كل موقف خلاف.

 

2- هيِّئي جوًّا من الطمأنينة والاستقرار والهدوء في البيت؛ فالسكن والمودة والرحمة هم الأركان الثلاثة للعلاقة الزوجية الناجحة، وحاولي أن تكون سعادتكِ وسعادته أحد أهم أهدافك في الحياة؛ فإنك إن حققتِ ذلك، تنالي رضا الله ثم رضاه.

 

3- أكثر ما يُرضي الرجلَ هو أن تشعريه برجولته طوال الوقت، عن طريق امتداحه بين الحين والآخر، وتمكينه بالاستمتاع بكِ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح))؛ [رواه البخاري].

 

4- احرصي على المسامحة والعفو ومحاولة إعادة الأمور لطبيعتها في أسرع وقت.

 

5- لا تتعجلي حل المشكلة بمجرد حوار مع الزوج من أول مرة، لكن عليكِ الصبر والتدرج معه، حتى تصير الأمور كما تريدين.

 

6- اهتمي بنفسكِ وجمالكِ وتعاملكِ وأسلوبكِ معه؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ نسائِكم من إذا نظر إليها زوجُها سرَّتْه، وإذا أمرَها أطاعتْهُ، وإذا غاب عنها حفظَتْهُ في نفسِها ومالِه)).

 

7- حفظ أسراره وأسرار بيته؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مِن أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا)).

 

8- عندما ترينه قادمًا من الخارج، فلا تبادريه بالأسئلة: من أين أتيت؟ وأين ذهبت؟ وبمن التقيت؟ ومتى وصلت؟ وماذا فعلت؟

 

9- تذكري أن الحياة تدور وتتغير، اليوم أنت قوية، وغدًا ستكونين ضعيفة، فهل تحبين أن يعاملكِ زوجكِ وأولادكِ بمثل هذه المعاملة؟

 

أخيرًا أيتها الأخت الكريمة، تمعني جيدًا في هذا الحديث الشريف: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا))؛ [صححه الألباني].

 

وروى ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها، وصامَت شهرَها، وحصَّنَتْ فرجَها، وأطاعَت زوجَها، قيلَ لها: ادخُلي الجنَّةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتِ))؛ [صححه الألباني].

 

أسأل الله العظيم أن يشرح قلوبنا بالإيمان، وأن يسخر لنا زوجاتنا، وأن يسخرنا لهن، وأن يصلح لنا ولكم الذرية.

 

هذا، وصلى الله على سيدنا محمد.


الزوج المحروم

 


الزوج المحروم


الزواج في الإسلام آية ربانية، وسنة نبوية، وفطرة إنسانية، وضرورة اجتماعية، وسكن ومودة ورحمة؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

والعلاقة بين الزوجين علاقة قلبين وروحين بينهما من التقدير والاحترام والتعامل، ما لا يمكن رسمه أو وصفه، قلبان متكاملان يكوِّنان بيتًا سعيدًا يَملؤه الحب والسعادة، وذكر الله والتعاون والتكاتف، والعلم والعمل.

 

إن البيت السعيد لا يقف على المحبة وحدها، بل لا بد أن تتبعها روحُ التسامح بين الزوجين مع بعضها البعض، وإلا فإننا سنسمع بين الحين والآخر كثيرًا من الأزواج من يهمل حبيبة قلبه وينسى رفيقة دربه، ويقسو على نبع حنانه، ولا ريب أن نسمع جراحًا غائرة، ونوازل عاثرة، ودموعا هامرة، ولا ريب أن نسمع عن كثير من الزيجات ممن تصيح وتئن من معاملة زوجها تحت وطأة الضغط وبين جدران البيوت، واللاتي يشكين في نفس الوقت من التصحر والجفاف في الحياة الزوجية، ويفتقدن كثيرًا من الكلمات العاطفية، ويعانين جدبًا في العبارات الغزلية، وتتمنى الواحدة منهن أن تسمع من حبيب روحها وهوى فؤادها ما يأسر فؤادها، ويهز وِجدانها، وتطرب لها أركانها، نعم.. كثير هن الزوجات اللاتي يعشن حياة سطحية بائسة ولقاءات جافة جامدة لا تتجاوز أحاديث الحياة اليومية وهمومها، والتذكير بالواجبات المنزلية ومشكلاتها.

 

إنها صرخات ومآسٍ تكشف لنا حقيقة التألم والتأوه والتفجع الذي يصيب بعض نسائنا المتزوجات، نعم، وما بقي ورُبِّيَ في حبيس الصدور ولم يصل إلى السطور أكثر وأعظم، تقول زوجة متألمة: زوجي لا يهتم بي إطلاقًا، يكون دائمًا عابس الوجه ضيق الصدر، فأنا مع قيامي به وتقديمي له الراحة والاطمئنان، إلا أنه سيئ الطبع، ذميم الخلق سريع الغضب, كم رأيته والله المرة تلو الأخرى بشوشًا مع أصحابه وزملائه، متوددًا لأقربائه وجيرانه، أما أنا فلا أرى منه إلا التوبيخ والمعاملة السيئة، وقد راودتني نفسي عدة مرات أن أرفع السماعة فقط لأحظى بشعور الحب من غيره، لكن خوفَ الله يَمنعني.

 

وتقول أخرى: زوجي يتنكد مزاجه في أوقات كثيرة لأتفه الأسباب، فينهال عليَّ بالضرب، ويأمرني بعدم البكاء أو الصراخ، ولو فعلت ذلك اشتاط غضبه وازداد بطشه، فإذا توقف عن الضرب، وجب عليَّ تقبيل رأسه والاعتذار منه، مع أنني في الغالب ليس لي شأن بالسبب المثير لأعصابه، ولكنني أبقى أنا الضحية نعم، أبقى أنا الضحية.

 

فلماذا هذه الآهات والحسرات؟ ولماذا هذه الهموم والتصرفات من بعض الأزواج؟ أسئلة محيرة، وأساليب خاطئة، تبحث عن حلول وتحليلات، وتوجيه ومصارحات.

 

فإلى كل محروم من السعادة، وإلى كل محروم من الاستمتاع بحياة أسرية جميلة، وإلى كل من شغلته الدنيا باللعب والاستراحات عن بيته وأسرته وزوجته، وإلى كل محروم من لذة الجلوس مع زوجته وأولاده، وإلى كل من أصبح بيته جحيمًا لا يطاق يملؤه القلق والتوتر والانفعالات، لماذا هذا الإعراض عن بيتك وزوجتك وأولادك؟ لماذا هذا الكبر والتعالي على أهل بيتك؟ لماذا هذا القلب القاسي؟ أين استشعار السعادة في بيتك؟ أين القلب الحنون واللين الرقيق؟ فالراحمون يرحمهم الله.

 

إنكم حرمتم أنفسكم، فحُرِمتم السعادة والراحة والاستقرار النفسي، يقسم بعض الأزواج ممن منَّ الله عليه بالاستقرار الأسري والحب والعاطفة مع زوجته - أن سعادته تكمُن بعد الإيمان بالله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم في جلسة أسرية سعيدة مع زوجته وأولاده، وأن من أجمل لحظات الدنيا وأسعدها يوم يجلس الزوج مع زوجته وأولاده في مكان يملؤه الحب والسعادة والاطمئنان والاستقرار.

 

والسؤال هنا: ما أهم الأسباب والدوافع التي تجعل الزوج يمارس الظلم والاستبداد، وفرض الذات تجاه زوجته وأولاده، وهم أقرب الناس إليه، وتجعله محرومًا من السعادة في بيته ومع أسرته:

1- سوء التربية ونشأة الزوج في بيئة غير سوية.

 

2- عُقد وأفكار سلبية وعنصرية تجاه الجنس الآخر.

 

3- جهل الزوج بحقوق المرأة وتفكيره المحدود، وضيق مفهومه لمعنى القوامة والرجولة.

 

4- تعرُّض والدته للظلم من قبل أبيه؛ مما يجعله شاهدًا على ذلك، ويرى أن ظلم المرأة واضطهادها وسلب حقوقها، أسلوب حياة، فيترسَّخ ذلك في عقله الباطن ليتعامل بقسوة وجفاء مع زوجته في المستقبل دون أن يشعر بتأنيب الضمير.

 

فإلى كلِّ مَن يبحث عن السعادة في بيته ومع أسرته وزوجته، وإلى كل زوج حرم نفسه سعادة الأسرة والبيت السعيد، أقول: اتَّقِ الله في نفسك وأهل بيتك، واستمتع بما رزَقك الله من نعمة عظيمه حُرِمها كثيرٌ من الناس واعلم:

1- أن السعادة قرارك أنت، وأن حرمانك منها قرار منك أيضًا، فتخيَّر لنفسك ما تريد.

 

2- إذا أردت أن تكون سعيدًا، فعليك أن تراعي زوجتك وتهتم بها، حتى تعطيك السعادة، ففاقد الشيء لا يعطيه.

 

3- احرص على التواصل مع عائلتك الصغيرة، وخصِّص وقتًا لهم، ولا تبخل عليهم بالحب والمودة والمشاعر الدافئة.

 

4- فكِّر في مزايا زوجتك، فمن المؤكد أنك ستجد صفات كثيرة تجعلك أسعد الناس، فقط ركِّز عليها، وامدحها لتحصل على ما هو أجمل وأروع.

 

5- ابتعد عن مقارنة زوجتك بغيرها، فكل إنسان له عيوبه وله إيجابياته، وقارِن ذلك بنفسك، فهل أنت كامل الصفات وليس فيك عيوبًا.

 

6- اجعل حياتكما مبنية على الاحترام، وعلى حسن التعامل والتفاهم، وأن تصبرا على بعضكما.

 

7- ابتعد عن الانتقاد والانتقام خاصة أمام الأولاد وأمام الناس.

 

8- غيِّر عاداتك السلبية التي تمارسها داخل البيت؛ كالصراخ والنقد والضرب والإهانة، والعادات التي تمارسها خارج البيت؛ كالسهر والتدخين ومصاحبة رفقاء السوء.

 

9- اجعل علاقتك الزوجية مبنية على التسامح والتغافل وحسن الظن.

 

10- تذكَّر حالك في المستقبل وأنت ضعيف: هل تحب أن تعاملك زوجتك وأولادك بمثل هذه القسوة.

 

11- تذكر أن كثيرًا من مشاكل الأولاد السلوكية والنفسية والعاطفية، سببها الرئيس سوء العلاقة الزوجية بين الآباء والأمهات.

 

فالله اللهَ في نفسك وفي بيتك وفي أسرتك وزوجتك، وتذكَّر أن الله سائلك عن أمانتك وعن رعيتك، فأعدَّ للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.



الأم المحرومة

 



الأم المحرومة


تقول فتاةٌ أمي عنيدة وعصبية وقاسية جدًّا، لا تُحب إلا نفسها، دائمة الصُّراخ وسيئة التعامل، حاولتُ كثيرًا أن أبحثَ عن رضاها، لكن لا يُعجبها شيءٌ، بل تقيم الدنيا على مشكلة صغيرةٍ لا قيمة لها، أمي لا تُحبني - بالرغم مِن أنني أصغر إخوتي عمرًا - ولا تُحب أختي، بل تعاملنا كالخادمات دائمًا مُتسلِّطة، حاولتُ التقرُّب منها أكثر من مرة، لكنها لم تَقبَلْ شيئًا، حاولتُ أن أُحبَّها أنا وأختي، لكن للأسف تصرُّفاتها تُبعدنا عنها.


إنها صراخات وآهات لأبناء وبنات يتعذبون كثيرًا بسبب سوء معاملة أمهاتهم، يسألون ويتساءلون أين الأم المثالية ذات القلب الحنون والعطوف التي يقرؤون عنها، ويسمعون قصصها في التلفاز والإعلام والكتب وعند الصديقات.


أيها الأمهات الكريمات، الأم هي من وُضِعت الجنة تحت أقدامها، الأم زهرة الحياة، رضاها يحدِّد المصير، لا راحة في الدنيا دون ابتسامتها، ولا جنةٌ في الآخرةِ عند غضبها، تُعلِّم العطاء بأفعالها، وهي التي تُقدم دون أن تأخذ، هي الصانعة للأجيال، هي نموذج من الرحمة، وكتلة من الصبر، قَدرُها عظيم لا يُقدَّر بثمنٍ، ومكانتها كبيرةٌ لا يمكن وصفها. هي من يُشكَى لها الهمُّ بعد الله، ودعاؤها يهزُّ السماء لشدة قوته، هي صانعة الرجال ومربِّية الأمهات، غيابها مؤلِمٌ ومظلمٌ، هي مَن تَظلِم نفسها لتُنصف أولادها، وتُتعب نفسها لراحتهم، ومن أشد الصابرين عليهم، الإحسان إليها أمرٌ لا يحق التهاون به.


لكننا في هذه السنوات الأخيرة بدأنا نسمع ونقرأ صرخات وآهات من أبناء وبنات من أمهات لا يخفن الله في تعاملهن مع أولادهن، تحول قلبها صاحب المشاعر الرقيقة إلى إنسانة جامدة المشاعر وقاسية، حوارها معهم يكون بالسباب والنقد والصراخ والضرب والنفور، تقاطع أولادها بالأيام والأسابيع والسنين لأتف الأسباب، لا تقبل المزاح ولا النقاش، تتحكم في كل صغيرة وكبيرة، تتدخل في حياة الأبناء وزوجاتهم والبنات وأزواجهن، تخلق حالة من الكره والضغينة التي يصعب التخلص منها أو تجاوزها، وعلى الرغم من أهمية مسامحة الأم والتسامح معها؛ إلا أن بعض القصص التي نسمعها عن عقوق الأم لابنها وابنتها تجعلنا نقدِّر موقف الأبناء والبنات الصارم تجاه الأم القاسية.


مسكينة أيتها الأم المحرومة يوم أن قطعت الصلة بينك وبين أسرتك وزوجك وأولادك، تذكَّري أنهم مفتاح الكنز الذي يفيض سعادة وطمأنينة، وأنهم اللمسة الحانية للقلب المُتعب المكدود، أنهم زاد الطريق ومدد الروح وجلاء القلوب.


أيتها الأم المحرومة، حرمتِ نفسَك أجمل لحظات الدنيا وأسعدها بعد الإيمان بالله، وهي لحظات الجلوس والاستمتاع بالأسرة والزوج والأولاد.


فإلى كل أم حُرمت من لذة الاستمتاع بأولادها.

وإلى كل أم حرمت من لذة اللعب والضحك مع الأولاد.

وإلى كل أم ملأ قلبها الحسد والضغينة والكره للآخرين.

وإلى كل أم حرمت من لذة السعادة والطمأنينة وانشراح الصدر.


وإلى كل أم تبحث عن السعادة مع أسرتها احرصي على:

1-غرس حب الله تعالى وحب نبيه في قلبك أولا ثم في قلوب أولادك، وحب الصحابة والتابعين واتخاذهم قدوات لك ولهم، وتعويدهم على العبادات والطاعات.


2-توجيههم وحسن صحبتهم حتى يشبوا ويستغنوا بأنفسهم، ويكونوا قادرين على تكوين أسر صالحة جديدة.


3-إدراك طبيعة المرحلة التي يعيشها الأبناء والبنات، وأن تدرك الأم أن الأجيال اختلفت، وأن البيئة الخارجية لها أثر كبير في اختلاف أفكار وثقافات وتدين الأولاد.


4-العدل بينهم: في المعاملة، والعطاء والعطية، والعطف، والحنان.


5-التغاضي عن زلاتهم وعثراتهم: فلا تقعد لهم كل مرصد، ولا تتشبث بأشياء كان من الممكن تجاوزها والتغافل عنها.


6-تشجيعهم، والثناء عليهم: فلا تكن مُثبطة لهممهم، مُقلِّلة من إنجازاتهم.


7-الرفق بهم والإحسان إليهم: ففي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها -: أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ.


8-عدم الظهور أمامهم وكأنها تملك الحق الأوحد، وأن الأولاد دائما على خطأ.


9-احترام آراء الأولاد وسماعهم والتحاور معهم وإقناعهم هو السبيل للتربية الصالحة، أما أن يكون الآباء والأمهات ملائكة لا يخطئون، فهذا هو الخطأ بعينه.


10-عدم التفرقة في المعاملة: وهو ما يولد بُغضًا من الأولاد تجاه أمهاتهم وحقدًا على إخوتهم.


11-انتبهي من الإهانة والإيذاء النفسي مثل نعتهم بأوصاف مشينة، وألفاظ سيئة نابية، أو اقتحام خصوصياتهم، أو معايرتهم بنقصٍ أو عجز، أو سلب حريتهم، أو جرح كرامتهم، وتهميشهم.


وختامًا.. اعلمي أيتها الأم المباركة أنك راع ومسؤول عن رعيته، والعقوق لا يولد إلَّا عقوقًا، والبر لا يُولِّد إلَّا برًّا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ولا يُتوقع بر من أبناء وبنات تربوا على القسوة والتنمر والنقد والصراخ والتهميش والظلم والاستبداد.


قفي مع نفسك لحظات بعيدًا عن الدنيا ولذاتها، اجلسي مع نفسك بعيدًا عن الأصحاب والأصدقاء، اختلي بنفسك واسأليها: لماذا أعيش؟ وماذا أريد؟ وما النهاية؟ إن نفسك غالية، وربما اليوم أو غد أو بعد غد قالوا: مات فلان أو فلانة، والموت حق، ولكن شتان بين من مات على صلاحٍ وهداية وحب، وذكر حسن، وبين من مات على ظلم وكره وفتنة، فإياك والغفلة وطول الأمل والاغترار بالصحة..


مخطئ مَن يظن أن المحروم هو الذي لا يملِك أساسيات الحياة أو كمالياتها، إن السعادة هي سعادة النفس والروح، والسعيد هو شخص اختار، وقرَّر أن يكون سعيدًا عبر أسلوب حياته وتفكيره وتعامله مع الناس، وإن عليه صناعة سعادته وتعزيزها بنفسه».


فالله الله بنفسك يا أختي، ولا تحرِمي نفسك الاستمتاع بأسرتك وزوجك وأولادك، وكوني ذكرى حسنة على قلوبهم وألسنتهم، وفي قصصهم وفي دعائهم.



الأب المحروم

 


الأب المحروم


الأب هو السند الذي تعتمد عليه الأسرة في كثير من الأحيان، والأب هو الصديق الأول في حياة الأطفال، والمثال الأعلى في حياة الأولاد، وهو النموذج للصفات المرغوبة في زوج المستقبل بالنسبة إلى بناته، هو نهر الحنان الذي لا يجف، والعمود الفقري للأسرة، والذي يوفر وجوده الكثير من الحماية للأولاد.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، وسخطُهُ في سخطِهما))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه)).

 

الأب يساعد زوجته في الاهتمام بأولادهما في تربيتهم وتعليمهم، وبناء الأخلاق الحسنة فيهم، يتحلى بسمات الأب المثالي، عندما يدخل السرور والبهجة على قلوب أسرته الصغيرة، ويحوِّل البكاء إلى ضحك، ويحرص على مفاجأتهم من وقت إلى آخر، حتى ولو بشيء بسيط.

 

يشعر الأبناء بحب واهتمام والدهم عندما يقوم بالإجابة على تساؤلاتهم باهتمام وعدم تذمر؛ وذلك لأن حب الأولاد لوالدهم يزداد بصورة أكبر وأكبر؛ فيشعرون بالسعادة لحصولهم على معلومة جديدة تساعد على نمو عقولهم.

 

لكن بالمقابل ابتُليت بعض الأسر بآباء حرموا أنفسهم لذة الاستمتاع بأولادهم، فأبدلوا الرحمة والرفق بقلب قاسٍ وظالم، بقلب لا يعرف العطف والحنان، لا يستطيع التحكم في انفعالاته، وعند حصول أي مشكلة، سواء في البيت أو في العمل أو حتى في الشارع - يصب غضبه على أولاده وأسرته صبًّا، هو سريع الغضب لا يرحم المخطئ، حتى ولو اعترف بخطئه، لا يسامح المسيء حتى ولو اعتذر، لا يترك أي خطأ صغيرًا كان أو كبيرًا دون نقد لاذع، لا يتوانى عن ضرب ابنه بعنف وقد يطرده من البيت إذا ما نقصت درجاته في مادة ما، بل ويضرب ابنته بالعصا والسوط، لو قصرت في أمر ما، مات ضميره، فهو لا يرحم صغيرًا ولا كبيرًا، ولا قريبًا ولا بعيدًا، إذا خالف أحد رأيه، قد يبتعد عن أولاده ويقاطعهم أيامًا وشهورًا، بل وسنين.

 

يا ألله على إنسان ضعيف مجبر على طاعة أبيه، وتحمل معاملته السيئة، إنه شعور رهيب، وأحاسيس متناقضة تجاه هذا الأب القاسي.

 

فيا أيها المحروم، تذكر أن الدنيا تدور وتتغير، اليوم أنت قوي، وغدًا ستكون ضعيفًا، فلا تحمل نفسك ما لا تطيق، واعلم أن الراحمين يرحمهم الله، وأن من يرحم من في الأرض يرحمه من في السماء، وأولى الناس برحمتك هم أهل بيتك وولدك وزوجتك.

 

أيها المحروم، كيف تنتظر برًّا من أولاد لأب تهرب من مسؤولياته وواجباته، بل كان سببًا في تدمير مستقبلهم، بأي وجه يتقبلون أبًا حرمهم من حضنه وعطفه وحنانه، جعلهم يقاسون اليتم مع أب حاضر، لكنه ظالم وقاسٍ.

 

أيها المحروم من سعادة الأسرة والأولاد، إن كنت مريضًا بقسوة القلب، أو فيك اضطراب في شخصيتك، وتحتاج إلى المساعدة، فلا تتردد، وأعلنها اليوم أنك تريد تغيير نفسك قبل أن تخسر أولادك وأسرتك، وزوجتك ونفسك.

 

أخي أيها الأب الباحث عن السعادة، أدعوك:

إلى الإيمان بالله حقًّا، والإكثار من ذكره، والمحافظة على فرائضه وعباداته.

 

تذكر أن قدوتنا هو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فاقرأ سيرته، وتعلم منها هديه في تعامله مع زوجاته وبناته، ومع أصحابه والناس أجمعين.

 

تحلَّ بالأخلاق الحسنة، وجاهد نفسك بعلاج الأخلاق السيئة التي فيك، وتذكَّر الأجر العظيم من الله لمن التزم بالأخلاق الحسنة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)).

 

اطلب المساعدة من صديق صالح، أو أخ حنون، أو مستشار متخصص مؤتمن، أو من طبيب حاذق، وادعُ الله دائمًا بالهداية لنفسك ولأسرتك ولأولادك.

 

احضر بعض الدورات والبرامج التدريبية التي تعلمك وتساعدك على فن التعامل مع الناس، وكيف تكسب أولادك، وكيف تصنع أولادًا مميزين وكيف تغير نفسك.

 

تذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))؛ [رواه مسلم]، فهل أولادك سيدعون لك بالخير بعد الممات؟

 

اسأل نفسك كثيرًا لو أصابك مرض وأقعدك على فراشك أو كرسي متحرك، وصرت تحت رحمة أولادك، هل تحب أن يعاملوك بمثل معاملتك لهم الآن؟ أعد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.

 

أرجوك لا تتكاسل، وأعلنها من الآن، واذهب إليهم في الحال، وافتح بابًا جديدًا معهم، وغيِّر من نفسك وأسلوبك وتعاملك معهم، ولا تحرم نفسك لذة الاستمتاع بهم.



علموا أولادكم قضاء حوائج الناس


 

علموا أولادكم سلامة الصدر


 

علموا أولادكم حب الوطن


 

علموا أولادكم حسن الخلق


 

علموا أولادكم حب طلب العلم

 


أبواب إلى الجنان

 


أبواب إلى الجنان

 

الجنة في اللغة البستان العظيم الذي يستر ما بداخله، أما في الشرع فإنها دار الخلود والكرامة التي أعد الله - عز وجل - لعباده المؤمنين، وفيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، قال سبحانه: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17].

 

إن الإنسان إذا حصل على الجنة ونجا من النار، فوالله إنه الفلاح الكبير، والفوز العظيم، والربح الجزيل، وإذا ما وقع العبد في النار – والعياذ بالله - كان ذلك هو الخسران الأكبر، قال تعالى: ﴿ أولئك الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الزمر: 15]، أفلا يستحق ذلك أن نبحث عن أبواب الجنان، وأن نتعب البدن لها، وأن تمرض لها النفوس! فسبيل الجنة يبدأ من الدنيا، لأن الدنيا مزرعة الآخرة، فما تعمله هنا يحدد مسارك إما إلى الجنة وإما إلى النار.

 

وللجنة أبواب كثيرة، من طرقها وبحث عن الأعمال التي تفتح أبوابها لها كان من الفائزين، وهذه أعمال صالحة من حافظ عليها فتحت - بإذن الله - له أبواب إلى الجنان ومنها:

1- الإيمان والعمل الصالح: قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 82].

 

2- التقوى: وهي الالتزام بأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

 

3- التوبة: وهي الرجوع عن معصية الله إلى طاعته، قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].

 

4- الاستقامة على دين الله، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

 

5- طلب العلم لوجه الله تبارك وتعالى: ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ومَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة »؛ [صحيح مسلم].

 

6- بناء المساجد، ففي صحيح البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله، بنى الله له بيتًا في الجنة».

 

7- حسن الخلق، قال صلى الله عليه وسلم: « أكثرُ ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق، وأكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج »؛ (الترمذي).

 

8- الذهاب إلى المسجد والعودة منه لأداء الصلوات، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعدَّ الله له في الجنة نزلًا كلما غدا أو راح».

 

9- قراءة آية الكرسي دُبر كل صلاةٍ من الصلوات المكتوبة، عن أبي أُمامةَ الباهليِّ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « مَن قرأَ آيةَ الكُرسيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ، لم يمنَعْه مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا الموتُ »؛ (ابن حبان).

 

10- الحج المبرور، قال صلى الله عليه وسلم: « الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة »؛ [أحمد].

 

11- صلاة اثنتي عشرة ركعة كل يوم وليلة تطوعًا لله تعالى، عن أم حبيبة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَن صلى في يوم وليلة اثنتين عشرة ركعة، بُني له بيت في الجنة »؛ [رواه الترمذي].

 

12- إفشاء السلام وإطعام الطعام وصلة الأرحام والصلاة بالليل، قال صلى الله عليه وسلم: « يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام »؛ [رواه ابن ماجه].

 

13- القيام بتربية وإعالة البنات، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ دَخَلْتُ أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْه »؛ (الترمذي).

 

14- كفالة اليتيم، روى الإمام البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه السبابة والوسطى».

 

17- عيادة المريض أو زيارة أخ في الله: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من عاد مريضًا، أو زار أخًا له في الله، ناداه مناد: أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلًا »؛ [رواه الترمذي].

 

هذه بعض الأعمال الصالحة التي تقرِّبنا إلى الله سبحانه وتجعلنا نطرق أبواب إلى الجنان، أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الجنة، وأن يجعل بيوتنا عامرة بالطاعة والعمل الصالح وحسن الخلق، وأن يصلح لنا ولكم الذرية وصلى الله على سيدنا محمد.



الزوج العنيد زالزوجة العنيدة

 


الزوج العنيد والزوجة العنيدة


من أهم مقومات الحياة الزوجية الناجحة: التواصل البناء والحوار الهادف، والاحترام المتبادل بين الزوجين، والتفاهم والتسامح والتجاوز عن الهفوات، والبعد عن الأنانية والعناد وتصيد الأخطاء.

 

والعناد صفة موجودة في الرجل والمرأة، والشخص العنيد من الشخصيات التي يصعُب التعامل معها، لتمسُّكه بآرائه دون السماح لنفسه بالاستماع لوجهات النظر المختلفة.

 

تقول فتاة: زوجي سريع الغضب وغريب الأطوار، ومزاجي لدرجة كبيرة، أحتج كثيرًا على معاملته لي، لكن احتجاجي لا يُغير شيئًا من عناده، بل يزيد أكثر وأكثر.

 

ويقول شاب: زوجتي جميلة جدًّا، لكنها عنيدة ومغرورة ولسانها طويل، وتعاملني بقسوة، وتتكلم عليَّ وعلى أسرتي بكلام جارح، وترفض العلاقة الشرعية لأكثر من أسبوع، أنا صابر على تصرفاتها لكن إلى متى؟

 

العناد بين الزوجين قد يؤدي إلى الطلاق، لذا على الزوجين معرفة أسباب العناد قبل تفاقم المشكلة، ومن هذه الأسباب:

 طريقة تربية الوالدين لأولادهم، فمن اعتاد من الأطفال على التمسك برأيه، وتنفيذ ما يريد، فإنه سينشأ العناد فيه، خاصة مع استسلام الوالدين لرغباتهم دومًا.

 

 الخوف من التنازلات، أو الخوف من تعوُّده على التنازلات عند الخلافات الزوجية، لذا تجده يعاند حتى يكون الطرف الآخر هو الذي يتنازل مهما كان الحق معه أو مع غيره.

 

 الرغبة في السيطرة على شريك الحياة، لذا يلجأ الزوج أو الزوجة إلى العناد من أجل السيطرة، وحتى يبقى هو القوي دائمًا في كل خلاف بينهما.

 

 عدم التكيف بين الزوجين والشعور باختلاف الطباع، فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض سلوك الآخر وعدم الانسجام معه.

 

 عدم الشعور بالأمان، خاصة من الزوجة عندما ترى تغيُّرًا في سلوك زوجها العاطفي أو تأخره عن البيت، أو تكرار عبارة الزواج بالثانية، أو من الزوج عندما تحرمه من العلاقة الشرعية، أو الإهمال في خدمته أو اللباس والتزين له.

 

والعناد بين الزوجين يأخذ أشكالًا مختلفة، فهناك عناد يفتقد للوعي والإدراك والنضج؛ مثل إصرار الزوجة على شراء أشياء كمالية لا حاجة لها، أو تكون ظروف زوجها المالية لا تسمح؛ مما يدخله في مشكلات مالية.

 

وهناك عناد مردُّه إلى الغيرة الشديدة التي لا تقوم على أسباب منطقية ومقنعة، سواء من الزوجة أو الزوج، خاصة إذا كانت الزوجة أفضل منه علميًّا أو ماليًّا، أو مكانةً، وهو باق على نفس حالته ودرجته.

 

وهناك عناد يعتقد منه صاحبه أن إصراره على موقفه دليل على قوة شخصيته، وتزيد من مكانته وقيمته بين الناس والمجتمع.

 

ولتفادي مشكلة العناد بين الزوجين أنصح بالتالي:

 الحوار الهادئ مع تفهُّم الطرف الآخر والاستماع إلى رأيه قبل الحكم عليه.

 

 تقبُّل الطرف الآخر مهما كان مع التعبير عن حبك له بلمسات عملية.

 

 التشجيع والتعاون ومشاركة شريك الحياة في أعمال مفيدة، ومساعدته على اتخاذ القرارات الجماعية.

 

 تجنبًا المواقف المثيرة للانفعال، وتذكرًا أن كسب العلاقة الزوجية أهم من كسب المواقف.

 

 أعطِ الطرف الآخر فرصة للتعبير عن رأيه ومساحة للحرية في حواراته وانفعالاته.

 

 عدم الضغط على الطرف الآخر بكثرة الطلبات، وخاصة الصعبة والمستحيلة، مع مراعاة حالته النفسية والاجتماعية.

 

 إن الحب الصادق بين الزوجين والعطف الدائم والاحترام المتبادل، وعدم الإهانة - هي أفضل الوسائل التي تساعد في التخلص من صفة العناد.

 

• عدم اللجوء إلى المقارنة السلبية بين الطرف الآخر مع غيره، فكل إنسان له شخصيته وطبيعته وبيئته وعالمه المنفصل.

 

 إفشاء الكلمات الجميلة والطيبة والعاطفية بين الزوجين، تعتبر حاجة أساسية تعمِّق العلاقة بينهما، وتقرِّب القلوب، وتقف سدًّا أمام الخلافات المستقبلية.

 

 تغيير السلوكيات السلبية الموجودة عند كل طرف، مع تعزيز السلوكيات الإيجابية وذكرها ومدحها أمام الأولاد والناس أجمعين.

 

أسأل الله أن يبعد عنا وعنكم سوءَ الأخلاق، وأن يجعل بيوتنا عامرة بالطاعة والعمل الصالح، وحُسن الخلق، وأن يُصلح لنا ولكم الذرية وصلى الله على سيدنا محمد.



الزوج الأناني والزوجة الأنانية

 


الزوج الأناني والزوجة الأنانية

 

الأناني هو ذلك الشخصُ الذي يعتقد أنه مركزُ العالم، وأن كل ما يقوله ويفعله يجب أن يكون موضعَ اهتمام كلِّ الناس، وأن كلَّ ما يحدُث له وما يُحبه ويحتاجه، سيكون دائمًا فوق احتياجات الآخرين، وعادة ما يرفُضه الناس بسبب عدم احترامه ومراعاته للآخرين.

 

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه"؛ متفق عليه.

 

والله سبحانه أثنى على أهل الإيثار، فقال عنهم: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، والأثرة هي حب النفس وتفضيلها على الآخرين.

 

والحياة الزوجية قد تُبتلى بزوج أناني أو زوجة أنانية، فهل تستمر هذه الحياة وهي تفتقد العطاء والتضحية؟ وكيف نتصرف مع هؤلاء؟

 

إن الزواج علاقة مشتركة بين طرفين، ومن شروط نجاح هذه العلاقة أن تكون مبنية على الاحترام المتبادل وعلى المودة والمحبة، ومشاركة القرارات التي تخص الأسرة سويًّا.

 

تقول فتاة: زوجي يغضب بشدة عند عدم حصوله على ما يريد، ويتخذ قرارات بمفرده دون علمي، وإذا حدثته بما فعل لا يبادر ولا يعترف بخطئه، فهو يعتبر كل ما يفعله حقًّا مكتسبًا ولا يستحق الاعتذار.

 

وللتعامل مع الزوج الأناني، أقول للزوجة: قد تكون هذه الصفة متأصلة في سلوكه أو ربما منذ طفولته بسبب تربيته وبيئته التي تربى عليها لذا عليك التالي:

 لا تَصفيه بالأنانية مهما كانت ردةَ فِعله تجاهك فهذا يزيده سوءًا.

 

 حاورِيه في المهام التي يجب عليه المشاركة فيها، أو تحمُّلها بالكامل؛ مثل أخذ الأطفال إلى المدرسة، أو النفقة عليهم.

 

 ركِّزي على الإيجابيات التي تصدُر منه، فلا يخلو إنسان من محاسن في حياته الأسرية، ولا تركزي على السلوك الأناني؛ لأن هذا سيجعل نفسيتك سيئة جدًّا تجاهه.

 

 توزيع المسؤوليات بينكما، وعدم تحمُّل المسؤولية عنه، خاصة إذا قصر فيها أو تردَّد بالقيام بها؛ لأن هذا السلوك سيجعله يعتمد عليك في كل شيء.

 

 اهتمِّي بنفسك واحتياجاتك ورغباتك وسعادتك وطموحاتك، مع الوفاء بمسؤولياتك تجاه زوجك وأسرتك؛ لأن إهمالك لنفسك يعطيه المبرر بأنك لا تستحقين التضحية.

 

 انتبهي من العدوانية والانتقام وإهمال مسؤولياتك؛ حتى لا تدخلي في مشاكل أكبر من السلوك الأناني عند الزوج.

 

ويقول شاب: منذ اليوم الأول من زواجي تفاجأت من سلوكيات زوجتي، فهي لا تحب إلا نفسها ومصلحتها الشخصية، فهي ترى نفسها أهمَّ من الجميع، وكلمة الأنا هي أكثر كلمة تستخدمها عند الحديث، ولا تتنازل عن رغباتها مهما حدث، ولا تشكرني مهما فعلت لها.

 

وهنا أقول لمن كانت زوجته أنانية ولا تحب إلا نفسها:

 الفِت انتباهها لهذا السلوك وصارِحها بالأمر، واسألها إن كان هناك شيء يضايقها أو يزعجها؛ لأن بعض النساء قد تفعل ذلك للفت الانتباه أو التلميح لشيء يزعجها.

 

 إذا فشل الحوار بينكما لا تسمح بأن تتعدى على حقوقك وحقوق الأسرة، واجعلها تعرف أنك مهتم بها، لكن هذا لا يعني أن تتعامل معك بهذا السلوك الأناني.

 

 قسم المسؤوليات في البيت ولا تقبل أي نوع من الاعتذار، فإذا لم تقم بمسؤولياتها تناقش معها عن عواقب هذا السلوك على حياتكما الزوجية، خاصة إذا أهمل كل شخص مسؤولياته.

 

 إذا زاد الأمر سوءًا أنذرها وأخبرها أنك ستتخذ بعض العقوبات تجاهها إذا بقيت على هذا السلوك.

 

 استشِر أهل الخبرة والاختصاص ليساعدوك في تخطي هذه المشكلة، واطلب منها كذلك استشارة المختصين التربويين لعلاج هذا السلوك عندها.

 

أسأل الله أن يبعد عنا وعنكم سوء الأخلاق، وأن يجعل بيوتنا عامرةً بالطاعة والعمل الصالح وحسن الخلق، وأن يُصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.


الاحتشام والحياء أمام الأولاد


 

الاحتشام والحياء أمام الأولاد

 

يرى بعض الآباء والأمهات أن الجلوس مع الأولاد بلباس غير محتشم أمر عادي، لهم الحرية المطلقة فيه والسبب أنهم محارم لهم.

 

وخاصة ما يكون من الأم أو الأخوات الكبار من لباس يكشف فيه الصدور والأكتاف والأفخاذ أو لباس يكون ضيّق جدًّا أو شفاف أو قصير، وكل هذا بحجة أنهم من المحارم وأنه يجوز لهم ومالا يجوز لغيرهم.

 

وليست المشكلة في اللباس أمام الأطفال الصغار دون سن التمييز، لأن الطفل لا يميز ما يراه وإن كان الأولى التستر أمامه حتى يعتاد الطفل وينشأ على حب الستر.

 

لكن المشكلة الكبرى مع الأطفال المميزين وتكون أكبر وأكبر عندما يكون اللباس الغير محتشم أمام الكبار بنين وبنات.

 

يقول أحد الشباب: صرت أستحي جدًّا عندما أذهب إلى بيتي وأرى والدتي تجلس أمامي بلباسها الضيق (الاسترتش) الذي يصف جسمها وبعض الأحيان تجلس وقد بانت أفخاذها وكتفيها وصدرها، كلما رأيت مثل هذه المناظر بدأت شهوتي تتحرك فماذا أفعل؟

 

وتقول فتاة: تعودت أن أجلس أمام أبي وإخواني بلباس قصير يخرج فيه الساق وأحيانًا جزء من الفخذ، أما خروج الأكتاف والصدر فهذا طبيعي جدًّا بيننا، لكن المشكلة التي أتعبتني نظرات أخي لي، أشعر أنها تقتلني إذا جلس بقربي يحاول لمس فخذي وكتفي، بل حاول أكثر من مرة تقبيلي بدون سبب فماذا أفعل؟

 

إن الستر نعمة من رب العالمين يمنّ بها على الناس، وهتك ذلك الستر بكشف العورات وإهمال سترها يفضي إلى شر خطير ويعد وسيلة لانتشار الفواحش والأخلاق السيئة.

 

وهنا في هذا المقال لا أقصد أن يجلس الأب أو تجلس الأم بكامل حجابها، وأن تلبس إلا ما كان واسعًا وفضفاضًا وأن تترك زينتها، فهذا لا يقره عقل ولا نقل لأن الله سبحانه قال: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ﴾ [النور: 31]، لكن أقصد أن يتجمل الوالدان بالحياء والحشمة خاصة أمام الأولاد وأن لا يكون ما كشف من الجسم مثيرًا للشهوات.

 

إن الحياء يجعل صاحبه يجتنب كل قبيح، والحياء مفتاح لكل خير كما قال صلى الله عليه وسلم: « الحياءُ لا يأتي إلَّا بخيرٍ »، والحياء أساس الزينة والبهاء كما قال صلى الله عليه وسلم: « ما كان الفُحشُ في شيءٍ إلَّا شانه، وما كان الحياءُ في شيءٍ إلا زانه ».

 

لذا أيها الأب الكريم ويا أيتها الأم الكريمة انتبها لأسئلة أولادكم وهم صغار عندما يرونكم بهذا اللباس خاصة:

 عندما يكثر السؤال عن الأماكن الحساسة.

 أو الضحك وتقلب مشاعرهم عند رؤية أجزاء الجسم المكشوفة.

 أو محاولة الطفل لمس الأجزاء المكشوفة.

 أو التحديق في الأجزاء المكشوفة والعارية.

 أو طلب الخصوصية لأنفسهم عند الاستحمام أو عند ارتداء الملابس.

 أو الطلب منك عدم إظهار جسمك أمامه.

 أو خلع الملابس أمامه.

 

فإن كان هذا من الصغار دون التمييز فما بالك عندما تكون من الكبار المميزين، ودائما تذكر أن ذلك طريق لاعتياد الأولاد بنين وبنات على كشف العورات والتساهل مع الآخرين في كشف عوراتهم، وخاصة ما يكون بين الإخوة والأخوات وبين الزملاء والأصدقاء.

 

أسأل الله أن يجملنا بخلق الحشمة والحياء وأن يجعل بيوتنا عامرة بالطاعة والعمل الصالح وحسن الخلق وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.



 أرجوكِ يا أمي تقول فتاةٌ: أمي عنيدة وعصبية وقاسية جدًّا، لا تُحب إلا نفسها، دائمة الصُّراخ وسيئة التعامل، حاولتُ كثيرًا أن أبحثَ عن رضاها، ...