السبت، 5 فبراير 2022

الزوجة المحرومة

 



الزوجة المحرومة

 

الأسرة هي الكيان المُقدس، والمكان الذي يسعى إليه الرجل للحصول على الهدوء والراحة، والاستقرار والاطمئنان مع شريكة حياته، التي يجب أن تكون له سندًا وعونًا في الحياة بابتسامتها وانشراحها، وبهجتها وطاعتها له، ليشعر بطعم الراحة والاستقرار، والهدوء والاطمئنان الذي ينسيه آلام الحياة ومتاعبها.

 

إن من سعادة المرء في هذه الدنيا أن يُرزَق زوجة صالحة تؤانسه وتحادثه، تكون سكنًا له ويكون سكنًا لها؛ لأن في صلاح الزوجة والزوج قرارًا للنفس، وسعادة للقلب، وانشراحًا للصدر، وفي ذلك أداء للتكاليف الشرعية والأعمال الدنيوية باستقرار وعدم تشويش للذهن.

 

لكن هناك من الرجال من يبتلى بزوجة تتصف بصفات ذميمة تريه بها نجوم النهار، وتنسيه سكون الليل، وتكون سببًا رئيسًا لإثارة المشاكل المتكررة، تقود أسرتها وزوجها إلى الأمراض والأسقام المستعصية والمتواصلة، التي لا تعود بالخير والراحة على الأسرة وأفرادها.

 

تقول إحدى الفتيات:

نظرًا لظروفنا العائلية، وجدت نفسي مضطرة لأن أعيش في بيت أختي الكبيرة المتزوجة، وزوجها إنسان صالح طيب القلب، لكن أختي - للأسف - شخصية مسيطرة غاضبة، مكشرة معظم الوقت، تميل إلى الشجار مع زوجها، بسبب وبدون سبب، مع أنه إنسان طيب، دمث الخلق، وهادئ، وأنا أرى البيت أغلب الوقت كئيبًا وحزينًا، وكثيرًا ما حدثت أختي وطلبت منها أن تعدل عن سلوكها، وكانت تستمع لي وتظل صامتة، ثم تعود سيرتها الأولى.

 

وشاب يقول والحزن والألم يعتصر قلبه:

عن طريق أسرتي تعرفت على زوجتي سعدية، وهــــي للأســـــف ليست اسمًا على مسمًّى، فقد أحالت حياتي إلى جحيم بكثرة شجارها وصوتها العالي، وقد حدث ذلك حتى قبل زواجنا؛ أي: في فترة الخطوبة، وللأسف لم أنتــــبه إلى طباعها المدمرة، وقلت في نفسي: لعل وعسى تتغير طباعها بعد الــــــــزواج، ولكن حدث العكس، فبمجرد أن تم الزواج تضاعفت مأساتي مع عنـــــــادها، فهي تخالفني في كل شيء على طول الخط، ثم بدأ التطاول في لحظات الخــــلاف، حتى وصل إلى حد السباب والتشابك بالأيدي، حتى إنها صفعتني على وجـهي في إحدى جولات الشجار والنكد.

 

تصور يا صاحبي أن تصل الأمور بيننا إلى هذا المستوى من التفاهم والحوار بين زوج وزوجته، حتى إن زواجنا الذي دام ثمانية أشهر فقط غضبت فيه زوجــــتي سعدية وذهبت لبيت أهلها أكثر من خمسين مرة، بدون أسباب حقيقية أو منطقية، لكن هكذا أرادت سعدية!

 

إنها آهات وزفرات تخرج من قلوب بعض الأزواج:

زوجتي لا تبادلني الشعور بالحب، زوجتي سريعة الغضب، زوجتي لا تهتم بمظهرها أمامي، زوجتي أنانية ونكدية، زوجتي كثيرة الطلبات، زوجتي لا تهتم بالفرائض الدينية، زوجتي ليست على قدر من العلم والثقافة، زوجتي تفتعل المشكلات، زوجتي كثيرة النقد والشكوك والظنون، زوجتي تتأخر في تلبية طلباتي، زوجتي لا تهتم بفراشي واحتياجاتي، زوجتي تكره عائلتي، وهكذا... سلسلة من الأسباب تجعل بعض البيوت تفقد السعادة الزوجية التي كان ينشدها الأزواج والزوجات.

 

فإلى كل زوجة تتصيد أخطاء زوجها وتنكد عليه، وإلى كل زوجة لا تعترف بخطئها، ولا تندم عليه مهما حصل، وإلى كل زوجة تحب أن تلعب دور الضحية باستمرار، وإلى كل زوجة تؤذي زوجها بلسانها وأفعالها وحركاتها:

اتقي الله في زوجكِ وأسرتكِ وأولادكِ، ولا تحرمي نفسكِ وأسرتكِ متعة البيت السعيد، وتذكري أن هذا التعامل سيسبب لكِ ولأسرتكِ وزوجكِ آثارًا مدمرة لكم؛ مثل:

1- هروب الزوج إلى أهله وأصدقائه؛ بحثًا عن الراحة والهدوء والاطمئنان الذي يفتقده في بيته.

 

2- الطلاق العاطفي بينكما؛ فالزوج هنا لا يشعر بوجود الزوجة المطيعة التي يجب أن تلبي احتياجاته الجسدية والنفسية، فتكون بلا ذوق ولا حس ولا طعم، مما يُؤثر سلبًا على البيت والأولاد.

 

3- كثرة المشاكل والنزاعات، خاصة أمام الأولاد، التي تسبب لهم دمارًا نفسيًّا وعاطفيًّا واجتماعيًّا ودراسيًّا.

 

4- شدة كره الزوج لكِ؛ بسبب تعاملكِ الجاف معه ومع من حولكِ في الأسرة والمجتمع.

 

أيتها الزوجة المباركة، يا من تبحثين عن السعادة لنفسكِ وأسرتكِ وزوجكِ وأولادكِ، تذكري أنكِ ريحانة بيتكِ؛ فأشعري زوجكِ بعطر هذه الريحانة منذ لحظة دخوله البيت، وأقول لكِ:

1- سيطري على المشاعر السلبية نحو زوجكِ، خاصة في لحظات الغضب، وأمسكي لسانكِ عن استخدام أي لفظ جارح، ولا تستدعي خبراتِ الماضي أو زلاته في كل موقف خلاف.

 

2- هيِّئي جوًّا من الطمأنينة والاستقرار والهدوء في البيت؛ فالسكن والمودة والرحمة هم الأركان الثلاثة للعلاقة الزوجية الناجحة، وحاولي أن تكون سعادتكِ وسعادته أحد أهم أهدافك في الحياة؛ فإنك إن حققتِ ذلك، تنالي رضا الله ثم رضاه.

 

3- أكثر ما يُرضي الرجلَ هو أن تشعريه برجولته طوال الوقت، عن طريق امتداحه بين الحين والآخر، وتمكينه بالاستمتاع بكِ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح))؛ [رواه البخاري].

 

4- احرصي على المسامحة والعفو ومحاولة إعادة الأمور لطبيعتها في أسرع وقت.

 

5- لا تتعجلي حل المشكلة بمجرد حوار مع الزوج من أول مرة، لكن عليكِ الصبر والتدرج معه، حتى تصير الأمور كما تريدين.

 

6- اهتمي بنفسكِ وجمالكِ وتعاملكِ وأسلوبكِ معه؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ نسائِكم من إذا نظر إليها زوجُها سرَّتْه، وإذا أمرَها أطاعتْهُ، وإذا غاب عنها حفظَتْهُ في نفسِها ومالِه)).

 

7- حفظ أسراره وأسرار بيته؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مِن أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا)).

 

8- عندما ترينه قادمًا من الخارج، فلا تبادريه بالأسئلة: من أين أتيت؟ وأين ذهبت؟ وبمن التقيت؟ ومتى وصلت؟ وماذا فعلت؟

 

9- تذكري أن الحياة تدور وتتغير، اليوم أنت قوية، وغدًا ستكونين ضعيفة، فهل تحبين أن يعاملكِ زوجكِ وأولادكِ بمثل هذه المعاملة؟

 

أخيرًا أيتها الأخت الكريمة، تمعني جيدًا في هذا الحديث الشريف: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا))؛ [صححه الألباني].

 

وروى ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها، وصامَت شهرَها، وحصَّنَتْ فرجَها، وأطاعَت زوجَها، قيلَ لها: ادخُلي الجنَّةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتِ))؛ [صححه الألباني].

 

أسأل الله العظيم أن يشرح قلوبنا بالإيمان، وأن يسخر لنا زوجاتنا، وأن يسخرنا لهن، وأن يصلح لنا ولكم الذرية.

 

هذا، وصلى الله على سيدنا محمد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 أرجوكِ يا أمي تقول فتاةٌ: أمي عنيدة وعصبية وقاسية جدًّا، لا تُحب إلا نفسها، دائمة الصُّراخ وسيئة التعامل، حاولتُ كثيرًا أن أبحثَ عن رضاها، ...