أولادنا والدعاء لهم بالبركة
الدعاء عبادة من أجل العبادات وأعظم الطاعات وأنفع القربات، وهو سلاح المؤمن فإذا كان هذا الدعاء صالحًا وبقلبٍ صادق نحو الأولاد، كانت ثمرته أقوى وأفضلَ.
إن الأولاد قرة عين الإنسان في حياته، وبهجة في عمره وأُنسه في عيشه، بهم تَحلو الحياة، وعليهم تعلَّق الآمال، وببركتهم تُستجلب الأرزاق، وتتنزل الرحمات.
قال تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يعنون: من يعمل بطاعة الله، فتقرُّ به أعينهم في الدنيا والآخرة".
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيرها: "يعني الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم وذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له".
فلماذا نحرص على تربية الأولاد والدعاء لهم بالخير والصلاح؟ وما الخير والبركة في الدعاء الصالح لهم؟:
• لأن صلاحهم سبب في دخول الجنة والنجاة من النار بإذن الله.
• لأن الدعاء عبادة عظيمة ومتعة ولذة في الحياة الدنيا، كما قال صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة"؛ صححه الألباني.
• لأن صلاحهم عمل بالأسباب المشروعة ونحن مطالبون بذلك، بل فرض عين على وليِّهم.
• لأن الأمة تحتاج إلى شبابها.
• لأننا بحاجة أولادنا في الدنيا والآخرة.
• لأن الولد الصالح هو واحد مما يبقى للإنسان بعد الموت.
• لأن الأولاد يولدون على الفطرة وللتربية الأثر في ثبات الفطرة أو فسادها.
• لأن الأولاد يحتاجون للتربية الصحيحة في بداية حياتهم.
• لأن التربية مسؤولية يحاسب الله الآباء والأمهات عليها.
• لأن أغلب المشكلات في مراحل العمر المتقدمة سببها التهاون في التربية في الصغر.
• لأن الأولاد زينة الحياة الدنيا.
• لأن تربية الأولاد بركة لوالديهم ومجتمعاتهم.
• لأن من حق الأولاد على الوالدين أن يعيشوا حياة طيبة، والتربية السليمة سبب في ذلك بإذن الله.
قفوا وتأمَّلوا هذه القصة العجيبة، وهذا الدعاء المبارك من سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة وأم سليم، وأثر الدعاء الصالح والبركة على الأولاد.
عن أنس رضي الله عنه قال: ماتَ ابنٌ لأبي طلحة من أم سُليم، فقالت لأهلها: لا تُحدِّثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أُحدِّثه، قال: فجاء فقربتْ إليه عشاءً، فأكل وشرب، فقال: ثُمَّ تصنَّعَتْ له أحسن ما كان تصنَّعُ قبل ذلك، فوقع بها، فلما رأتْ أنه قد شبعَ وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قومًا أعارُوا عاريتَهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم، أَلَهُم أنْ يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسِب ابنك، قال: فغضب، وقال: تركتِني حتى تلطَّختُ، ثم أخبرتِني بابني، فانطلَقَ حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بارك الله لكما في غابر ليلتِكما))، قال: فَحَمَلَتْ، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من سفر لا يَطرقها طروقًا، فدنوا من المدينة فضرَبَها المخاض، فاحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول أبو طلحة: إنك لتعلم يا ربِّ أنه يُعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج، وأدخل معه إذا دخل، وقد احتبست بما ترى، قال: تقول أم سليم: يا أبا طلحة، ما أَجِدُ الذي كنتُ أجد، انطلقْ فانطلقْنا، قال: وضربها المخاض حين قَدِما فولدت غلامًا، فقالت لي أمي: يا أنس، لا يُرضعه أحدٌ حتى تَغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح احتملتُه فانطلقتُ به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فصادفتُه ومعه مِيسَم، فلمَّا رآني قال: ((لعلَّ أم سليم ولدَت؟))، قلت: نعم، فوضع المِيسَم، قال: وجئتُ به فوضعته في حجره، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة فلاكَها في فيه، حتى ذابتْ ثمَّ قذَفها في فِي الصبيِّ، فجعل الصبيُّ يتلمَّظُها، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انظروا إلى حُبِّ الأنصار التمر))، قال: فمسَح وجهه وسماه عبدالله"؛ رواه البخاري، وفي رواية أخرى: "قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيتُ لهما تسعةَ أولاد كلهم قد قرأ القرآن".
أسأل الله أن يبارك لنا في أزواجنا وأولادنا وذرياتنا، وفي أعمالنا وفي أموالنا وفي بلادنا، وأن ينشر السعادة في كل بيت، وصلى الله على سيدنا محمد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق