الأحد، 14 مايو 2023

علموا أولادكم بر الوالدين

 


علموا أولادكم بر الوالدين

 

تقول مريمطلَّقَني زوجي وأنا صغيرة، ومعي طفل صغير، نذرت نفسي وحياتي لابني؛ كي أربِّيَه أحسنَ تربية، لم أقصِّرتجاهه في شيء، حرمت نفسي اللقمة والثياب والزيارة من أجله، لما كبِر وصار عمره 20 سنة، بدأ والده بالتقرب إليه أكثروأكثر، حتى أقنعه بالزواج من بنت أخت زوجته، لم أكن أرغب في هذا الزواج، حزنتُ كثيرًا، لكن ولدي لم يهتم، بدأت المشاكلتزداد مع زوجته وأسرته، وولدي للأسف صار معهم ضدي، لم أحتمل، خرجت وسكنت عند أخي، لكن قلبي يتقطع كمدًا علىابني، هل هذا هو جزائي؟ ماذا أفعل؟

 

قال الله تعالى﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّوَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا  [الإسراء: 23]، يا ألله من قلوب قد تحجَّرت وماتت، وانعدم فيها الإحسان والخوف من الله،قلوب نسيت المعروف وماتت الرحمة فيها!

 

أيها الإخوة وأيتها الأخوات، حتى لا نصل إلى مثل هذه القصص؛ علينا أن نعلِّم أولادنا بِرَّ الوالدين، وأنه من أحب الأعمال إلىالله بعد الصلاة؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((سألت النبي صلى الله عليه وسلمأي العمل أحب إلى الله؟ قالالصلاة على وقتها، قلتثم أي؟ قالبر الوالدين))؛ [رواه مسلم].

 

علينا أنْ نعلِّمهم أنَّ رضا الوالدين من أسباب رضا الله سبحانه وتعالى؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((رضا الله في رضاالوالدين، وسَخَطُ الله في سخط الوالدين))؛ [رواه الترمذي]، وحتى نكسب بر أولادنا؛ علينا أن نعلمهم أن بر الوالدين يُطيل فيالعمر، ويزيد في الرزق؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((من سرَّهُ أن يُمَدَّ له في عمره، ويُزاد في رزقه، فَلْيَبَرَّ والديه، ولْيَصِلْرَحِمه))؛ [رواه الإمام أحمد].

 

أيها الإخوة وأيتها الأخوات، علينا أن نعلم أولادنا أن كل الأعمال الصالحة تُقرِّب إلى الله، لكن الأعمال تتفاوت، تتفاوت درجاتهاوفضلها، وأفضلها بر الوالدين؛ كما قال ابن عباس: "إني لا أعلم عملًا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة"؛ [أخرجه البخاريفي الأدب المفرد]، علينا أن نعلم أولادنا أن بر الوالدين سبب في غفران الذنوب؛ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،فقاليا رسول الله، إني أصبتُ ذنبًا عظيمًا، فهل لي من توبة؟ قالهل لك من أمٍّ؟ قاللا، قالهل لك من خالة؟ قالنعم،قالفبرَّها))؛ [رواه الترمذي].

 

علينا أن نجلس مع أولادنا، ونتحاور معهم، ونعلمهم وسائل البر التي يحتاجها الوالدان وهم كبار؛ فأولها الإحسان لهما بالفعلوالكلام والحركة؛ كما قال تعالى﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء: 23]، ثانيهاعلى الأولاد بر الوالدين وإن كانا عاصِيَيْنِ لله أو كافرَينِ؛ قال تعالى﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِيمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا  [لقمان: 15]، ثالثهاأن يكون البر خاصة في حالة الكبر؛ لأنالوالدين محتاجان لذلك.

 

علينا أن نعلم أولادنا فنَّ التعامل مع الآباء والأمهات؛ بالطاعة فيما يأمران به، وتقديم أمرهما على النافلة، والإنفاق عليهما،والمبالغة في خدمتهما، والأدب والهيبة لهما، وعدم رفع الصوت عليهما، وعدم مناداتهما بالاسم الصريح، وعدم المشي أمامهما.

 

علينا أن نعلمهم إكرام أقاربهما وأصدقائهما، والحذر من مضايقتهما بالقول أو بالفعل أو تحديق النظر عليهما، وعلينا إكثارالدعاء لهما، والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، والعافية وحسن الخاتمة، والصلاح، ودخول الجنة، والشفاء، علينا أن نعلمهمالصدقة عنهما؛ كبناء المساجد، وحفر الآبار، وطباعة الكتب، وغيرها من الأعمال الصالحة.

 

أيها الإخوة وأيتها الأخوات، نحن - كآباء - محتاجون إلى بر أولادنا؛ ولذا علينا أن نعلمهم البر وهم صغار؛ كي يبرونا كبارًا،أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصلح لنا ولكم الذرية.

 

هذا، وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد.

طبيعة الخلافات الزوجية


 

  طبيعة الخلافات الزوجية


 

العلاقة الزوجية مهما كانت ناجحةً في أعيُن الناس؛ لكنها لا تخلو من المشكلات الأُسريَّة، سواء كانت أسبابها مالية أواجتماعية أو تربوية أو عاطفية أو غيرها من الأسباب، فإن لم يتدارك الزوجانِ في السعي لحلِّها؛ فإنها ستكبر وتكبر معهادائرة المشاكل، والله سبحانه رغب بالمعاشرة بين الزوجين بالمعروف ولو مع كراهة أحدهما الآخر؛ حفظًا للأُسَر، ومنعًا للتفكُّك،قال تعالى﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا  [النساء: 19]، وعن أبيهريرة رضي الله عنه، قالقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقًا رضي منها آخر، أوقال غيره".

 

والخلافات الزوجية هي تلك الأزمات الناتجة عن صعوبة أو عدم التواصُل الجيد من الأساس بين طرفي العلاقة، ولها أنواعوأشكالمشكلات داخلية تتعلَّق بتربية الأولاد، أو توزيع المهامِّ فيما بينهم في إدارة المنزل وغيرها، ومشكلات خارجية، وهيتظهر غالبًا في سوء الأحوال المادية وظروف العمل وتدخُّلات الأهل والأقارب في الحياة الزوجية وغيرها.

 

وللخلافات الزوجية أسباب متعددة منها:

• الشؤون المالية وما يترتب عليها من تأمين احتياجات الأسرة، وتأمين سُبُل العيش الكريمة لهم.

 

• كثرة الأعباء والضغوطات الأُسريَّة والمسؤوليات الاجتماعية وعدم التفرُّغ للبيت.

 

• اختلاف شخصية الزوج عن الزوجة في التفكير والاهتمامات والمشاعر والقِيَم والعادات والسلوكيَّات والالتزام الديني.

 

• انعدام الثقة بين الزوجين، وهي ناتجة عن أخطاء وقع فيها الشريك الآخر.

 

• عدم القدرة على حَلِّ المشكلات بطريقة صحيحة سواء بسبب الجهل أو العناد أو التكَبُّر أو عدم المبالاة.

 

• سوء التواصُل بين الزوجين بسبب الغموض أو ضعف الحوار أو الرد بطريقة همجيَّة.

 

• الاختلاف في طريقة تربية الأولاد من الناحية السلوكية والتربوية والعادات والدين والتعامل مع الآخرين.

 

• العقم وتأخُّر الإنجاب والمشكلات الصحية والأمراض الوراثية.

 

• الانغماس في العلاقات العاطفية المُحرَّمة والخيانات الزوجية، وما يترتب عليها من الغياب والسهر والجفاء العاطفي.

 

• التعدُّد بين الزوجات؛ مما يُسبِّب عدم العدل في النفقة والمبيت وتربية الأولاد.

 

• الإدمان على الأجهزة الإلكترونية من قبل الزوجينِ وخاصة الألعاب الإلكترونية والتطبيقات المختلفة.

 

• التعلُّق بالمشاهير، ومحاولة التقليد الأعمى؛ ممَّا يُسبِّب كرهًا للحياة الزوجية والمقارنة مع حياة المشاهير.

 

• البُعْد عن الله وكثرة المعاصي بترك الواجبات؛ كالصلاة والصيام، وقراءة القرآن، والانغماس في المعاصي من الزِّنا، وشربالخمر، والرِّبا، وغيرها مما يخالف شرع الله

 أرجوكِ يا أمي تقول فتاةٌ: أمي عنيدة وعصبية وقاسية جدًّا، لا تُحب إلا نفسها، دائمة الصُّراخ وسيئة التعامل، حاولتُ كثيرًا أن أبحثَ عن رضاها، ...