الجمعة، 3 سبتمبر 2021

 

حكايتي معك … يا ولدي

 


رؤى الخبر | الأحساء

حكايتي معك … يا ولدي

قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء: 23].

يا ولدي … مهما شرحت لك مشاعري، فلن تتمكن من إدراكها حتى تصير أبًا مثلي، أنت لست مجرد شاب أنت تاريخ من الذكريات منذ أن علمتُ أن أمك تحملك بين ضلوعها، بدأت حكايتي معك يا ولدي.

يا ولدي … كنت تكبر فتكبر معك همومنا، وتطول بقدر طولك مخاوفنا، تمر الأيام، وحياتنا معك تتلون بحلاوتها ومرها ، قصتنا معك أكبر من أن تضم أحداثها رسالتي إليك ، فلا يكن جزائي منك الإهمال والنفور والتمرد وربما الشتم والضرب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يا ولدي … الوالد هو الإنسان الذي يضحي من أجلك من دون مقابل، هو الذي يسهر كي تنام، ويتعب لترتاح، ويشقى لتسعد، ويجوع لتشبع، ويفديك بروحه كي تعيش.

الوالد قد لا يقدم لك كل ما تريد، لكنه يعطيك كل ما يملك ، حبّ الوالد لأولاده هو حُبّ بلا شروط أو مقابل ، لو تخلّى كلّ الناس عنك فلن يتخلى عنك والدك.

يا ولدي … الوالد هو الحبيب الأبدي الصادق لولده، ولو أحبه الناس جميعا ، الوالد هو عمود البيت الذي يحمل كل شيء عن أسرته، ولا يعرف أهل البيت قدره إلا إذا سقط هذا العمود بوفاته ،

كثير من الأولاد يفرطون في بِرّ والديهما والإحسان إليهما في حياتهما، فإذا انتقل أحدهما إلى الدار الآخرة، بكوا على تفريطهم بدل الدموع دما.

بعض الأولاد … يا ولدي ، للأسف يستعجل وفاة والده المريض ، إما ليرتاح من تعب مداراته وعلاجه، أو كي يحصل على ميراثه! وهو لا يُدرك قيمة وجود الوالدين.

بكى أحد الصالحين عند وفاة والده، فقيل له: هل تعترض على قضاء الله؟ فقال: بل أبكي على باب من أبواب الجنة قد أُغلق.

يا ولدي … الحياة مليئة بالعبر والقصص، والسعيد اليوم من اتعظ ورجع، والشقي من جاء أجله ولم يتب عن عقوقه ويتطهر، عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف» قيل من؟ يا رسول الله قال: «من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة» رواه مسلم .

وتذكر … يا ولدي ، أن العاق ممن لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يدخله الجنة، عن جبير بن مطعم عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: «لا يدخل الجنة قاطع» رواه البخاري.

ورضى الله في رضى الوالدين، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: عن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال: «رضى الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد» رواه الترمذي وحسنه الألباني .

سأل رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مدى وجوب طاعته لوالده في أمر يتعلق في شؤون حياته، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: «الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضِع ذلك الباب أو احفظه». رواه الترمذي وأحمد .

إن من بركة وجود الوالدين، استجابة الله تعالى دعاءهما لأولادهما، وبموتهما تفقد هذه البركة.

كم أتمنى من أبنائنا وبناتنا أن يكونوا مصدر سعادة لوالديهم ، كم أتمنى من المربين والمربيات أن يشجعوا الأبناء والبنات على حسن استقبال الوالدين عند قدومهما للبيت بعد عناء يوم طويل مليء بهموم الحياة ومشاكلها، ليرسموا السعادة على محيّاهما وفي قلبهما .

كتبت إحداهن عبارة إعجاب بوالدها فقالت: «أبي لا يُقدّر بثمن، ولن يُكرّره الزمن».

اللهم ارحم والدينا أجمعين، من كان حيّا فأعنّا على بِرّه والإحسان إليه ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ومن كان ميّتا فاجعل قبره روضة من رياض الجنة، واجزه بالإحسان إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.

 

الأستاذ/ عدنان بن سلمان الدريويش

المستشار الأسري بجمعية التنمية الأسرية بالأحساء

والمشرف التربوي بإدارة تعليم الأحساء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 أرجوكِ يا أمي تقول فتاةٌ: أمي عنيدة وعصبية وقاسية جدًّا، لا تُحب إلا نفسها، دائمة الصُّراخ وسيئة التعامل، حاولتُ كثيرًا أن أبحثَ عن رضاها، ...